Monday, July 7, 2014

عندما انتصر المشروع علي المعجزة في مدينة الرب

"ديفيد لويس" يمسك بقميص زميله المصاب " نيمار" و يهدر بالنشيد الوطني البرازيلي مع 60,000  مشجع في الملعب و 200 مليون  خارجه  يشاركونه اليقين باقتراب حلم الفوز بكأس العالم في استاد الماركانا و الذي أصبح علي بعد مبارتين فقط.

في الكادر يظهر "ميروسلاف  كلوزة" بالقميص الألماني.لم يعد ذلك الشاب الذي عرفناه الآن يبلغ عمره 36 عاما و في جعبته  15 هدفا سجلها في 4 بطولات كأس عالم. أمام عينيه  يمر ملخص 13 عاما من الدراما الكروية و يحمد الله  أن أغلبية المشاهدين لا يتذكرون  انه اللاعب الوحيد الذي مازال مستمرا من تشكيلة "فضيحة ميونخ".

في اواخر العام 2001 كان الشاب الأشقر ذو الأصول البولندية يستمع بغيظ إلى هتافات  الجماهير الانجليزية:" "حربان عالميتان و كأس عالم" بعدما خسر منتخب بلاده بخمسة أهداف  مقابل هدف في قلب  ميونخ .

في العالم التالي شاهد من  الملعب  "الظاهرة" رونالدو و هو يسجل ثنائية  في مرمي" اوليفر كان" و رأي"سكولاري" ,المدير الفني للبرازيل  يقفز الي داخل الملعب فرحا بالكأس التي ذهبت الي برازيليا بدلا من برلين.عقب صافرة  النهاية جلس "ريفالدو"علي ركبتة ليشكر المسيح في حركة تقليدية من التراث الكروي اللاتيني أما زملاء الشاب الأشقر الذين أوصلهم  الحظ للمباراة النهائية  فلم  تنسيهم  الهزيمة  تبادل القمصان مع جيل تاريخي من ألمع المواهب الكروية الفطرية.
لثلاث سنوات متتالية  استمرت الكرنفالات  البرازيلية نتيجة الفوز  بكل من كأس أمم أمريكا الجنوبية و كأس العالم للقارات بالإضافة إلى حق تنظيم كأس العالم 2014.في عالم موازي , استقال "رودي فولر" بعد بطولة أوروبية كارثية خرج الألمان من دورها الأول ليتولي "يورجن كلينسمان" شريكه  السابق في هجوم المانشافت  القيادة بعد الاتفاق  مع اتحاد الكرة علي خطة مدتها سنتين هدفها انهاء عقد من النتائج السيئة و تحديث الكرة قبل كأس 2006 العالم التي تستضيفها البلاد .

في كأس العالم 2006 كانت جماهير ألمانيا تصفق لفريقها الشاب بعد خروجه  من نصف نهائي البطولة  لأنه  قدم عروضا قوية و غير متوقعة  و هزم خصوما كبارا كالأرجنتين. كلوزة يحصد لقب الهداف و بودولسكي,مهاجر بولندي آخر , يحصد لقب أحسن لاعب شاب.

يترك  "كلينسمان" مكانه  إلى مساعده  "جواكيم لوف" بعدما قدم للعالم اسماء شابة خاضت  تجربة كأس العالم للمرة الأولي كـ"شفانستايجر" و "لام" .أسماء ستصاحبه في مغامرته  الجديدة لتطوير فريق "بايرن ميونخ".

في البرازيل لم تشفع بطولات "كارلوس ألبرتو بيريرا" له و تمت اقالته عقب خروج البرازيل  من ربع النهائي بسبب تفضيله التكتيك علي الكرة الهجومية.

بين عامي 2008 و 2012 وصلت تشكيلة "لوف"  إلى قبل نهائي كل بطولة خاضتها عقب كل بطولة,كان المسئولين يجددوا الثقة  فيه أما البرازيل  فقد فازت مجددا بكأس امريكا الجنوبية و كأس القارات و لكنها غيرت مدربيها مرتين  بسبب عدم اعجاب الجمهور بأسلوبهما الدفاعي ليعود "سكولاري" مجددا.

يعرف "كلوزة" أن الكفة أصبحت مقلوبة,فألمانيا فريق متخم بخبرات لاعبين خاضوا  كبري  المباريات علي مستوي الأندية و المنتخبات في آخر 6 سنوات .فريق يلعب نصف قوامه الأساسي سويا في بايرن ميونخ الذي ينافس برشلونة علي لقب النادي الأقوي عالميا.

استغرق الامر فقط 5  دقائق  ليسجل  "مولر",أحسن  لاعب  صاعد في كأس العالم السابقة,هدفا
افتتاحيا. و في الدقيقة عشرين صنع  "ميروسلاف" التاريخ. و تخطي" رونالدو" ليصبح الهداف التاريخي لكأس العالم.النتيجة النهائية كانت 7-1.اثقل هزيمة لفريق مضيف و اكبر نتيجة في مباراة نصف نهائي في تاريخ الفيفا.

جوتزة يستلم الكرة علي صدره ثم يرسلها بيسراه إلى شبكة الأرجنتين في الدقائق الأخيرة ليكرر سيناريو نهائي كأس العالم 1990 ميسي"يطرق أسفا بينما يرفع "لام" الذي اصبح كابتن الفريق كأس العالم!

في المؤتمر الصحفي عقب المباراة يشكر "لوف"  رئيسه السابق "كلينسمان" و يؤكد أن اللقب هو نتاج مشروع  عمره عشر سنوات عملا عليه بمساندة مسئولي الكرة في المانيا
في 2004, صارح هؤلاء المسئولين أنفسهم بحجم المشكلة.حددوا  هدفا طويل الأمد و أختاروا الأشخاص المناسبين لتحقيقه..تركوا لهم حرية العمل و لم يفكروا في اقالتهم عند الاخفاق في منتصف الطريق. و بسبب ذلك  تمتلك ألمانيا اليوم الفريق الأقوى عالميا رغم ان أفراده لا يملكون نصف موهبة لاعبين اخرين.لكن كلا منهم يعرف عيوبه و ميزاته و يعلم أن الانجاز سينسب للمجموعة بلا تمييز. راكموا الخبرات في سنوات من العمل الدءوب مكنتهم من  دهس 3 أبطال للعالم.حتي "ميسي" ,الموهبة الخيالية لم يستطيع ايقافهم  ففاز  "المشروع " علي المعجزة في ريو  الشهيرة بمدينة الرب.

فيليب سكولاري كاثوليكي مؤمن,لذلك كافئته السماء ببطولة 2002,و لكنة عندما استمر علي عشوائيته و اعتماده علي خلطة المشاعر الوطنية و المواهب الفطرية انتهي الأمر بكارثة. الامر ذاتة ينطبق علي واقعنا .الأمم  تبني مستقبلها بالتخطيط العلمي او بانتظار معجزة.السؤال الآن:كم مرة مسئولا مصريا  يستخدم مصطلح "مشروع"؟