Friday, May 18, 2012

ضد الكرة الحديثة-او كيف تعمل المنظومة الأقتصادية للكرة المصرية



قبل اسبوع من مأساة أستاد بورسعيد  ,تابع  "محمد" بشغف  مباريات فريقي "حرس الحدود" و "انبي" المنافسان لفريقة المفضل  "الزمالك" القاهري في مسابقة الدوري المصري.شاهد المهندس الشاب اللاعب الأفواري "ديفونية" لاعب انبي التابع لقطاع البترول و هو يسجل لفريقة هدف الفوز و تابع "علي فرج" حارس نادي "حرس الحدود" و هو ينقذ فريقة من هزيمة محققة.بعد نهاية المباراة تسائل المهندس المتحمس لماذا تهذب اموال الضرائب التي تستقطعها الحكومة من راتبة الي لاعبي اندية قطاع البترول و الجيش و الشرطة.

في اليوم التالي انضم محمد الي اصدقائة  من مجموعة "التراس زمالك" الذين اوقفوا مباراة فريقهم  ضد "أنبي" بعد ثواني  من بدايتها بألقائهم الكثير من الكرات الي داخل الملعب و رفع لافتات تحمل شعار "ضد الكرة الحديثة" “against modern football”. كان للامر  علاقة ببعض لاعبي الفريق الذين أنقطعوا عن حضور التدريبات   او فسخوا تعاقداتهم  وعادوا لانديتهم القديمة اعتراضا علي  عدم سداد مستحقاتهم لفترات طويلة.كما  كان  اسلوب رمي الكرات متأثرا  كغيرة بأساليب تعبير و أحتجاج  مجموعات  الالتراس في اوروبا.
 أعتراض  مشجعو الفريق الأبيض كان موجها بالاساس ضد مادية نجوم الفريق ورفضهم للتضحية من اجل أسم الفريق.و لكن في الحقيقة فأن الزمالك, كغيرة من الاندية الجماهيرية,يعاني من ازمة مادية طاحنة و مركبة انتجتها سنوات من الأدارة العشوائية و الفاسدة لمنظومة كرة القدم المصرية اوصلت تلك  الأندية صاحبة الشعبية الي حالة من الأفلاس المزمن الذي يمنعها من  الوفاء بألتزاماتها  المادية تجاة لاعبيها الذين بدورهم لا يعرفون مصدرا أخر للزرق سوي ركل الكرة باقدامهم  ويجعلها(اي الأندية) مكبلة بقيود قانونية تمنعها من التصرف في اسمها كمنتج تجاري يرفع مواردها القليلة بينما تنعم الأندية عديمة الشعبية بدعم مادي غير مشروط من قبل بعض الهيئات و المؤسسات.
كان الموسم الكروي 1998-1999 فارقا في تاريخ  مسابقة الكرة المصرية بعدما اشتري عملاق الأتصالات "كليك"(تحولي الي "فودافون" لاحقا) الحقوق الحصرية للأعلانات في المسابقة التي تحول اسمها الي "دوري كليك". خلال  ال15 عاما التالية ,تضاعف  عدد ااندية الدوري الممتاز  التابعة لمؤسسات و شركات (اغلبها حكومية)  من 3 او 4 في العام السابق ذكرة الي 13  من اصل 19  في الموسم الحالي.و هي نسبة لم تسجل قط الا في دول الكتلة الشرقية في الأتحاد السوفيتي السابق.



 و بالنظر الي المسابقة الكروية  الأهم  في مصر,فمن  بين 19 ناديا يشكلون قوام الدوري الممتاز المصري اليوم (العدد الفردي للاندية هو  حالة نادرة في تاريخ كرة القدم حدثت  بسبب أخطاء ادارية جسيمة و قرارات حابت بعض الفرق الجماهيرية لا يتسع المجال لشرحها في هذا المقال)  تدار فقط ثلاثة أندية بمنطق المكسب و الخسارة.فتمتلك بينما عائلة ساويرس نادي الجونة ,و يمتلك رجل الاعمال المصري البلجيكي ماجد سامي  فريق وادي دجلة (يمتلك ايضا ناديان للكرة في بلجيكا)  تخضع شركة مصر للمقاصة لأدارة تقيم الأمور بميزان الربح و الخسارة المادي.اما الستة عشر ناديا الباقين فينقسموا الي قسمين رئيسيين:الأندية الجماهرية  التي تمتلك قاعدة شعبية معقولة  و الاندية المملوكة للشركات و الهيئات الحكومية.تصنف اندية الأهلي,الزمالك,المصري, الأسماعيلي, الاتحاد السكندري, سموحة كأندية من النوع الأول بينما تصنف اندية أتحاد الشرطة, حرس الحدود, إنبـي, تليفونات بني سويف, طلائع الجيش, بتروجيت, المقاولون العرب, الإنتاج الحربي,الداخلية من  النوع الثاني.
 يعاني النوع الأول من محدودية الموارد المادية رغم  تمتعة بدرجة ما من الشعبية.تتدخل الدولة أجهزة الدولة احيانا لمساعدتة علي الوفاء بألتزاماتة المادية سواء عن عن طريق تغطية جزء من مستحقات اللاعبين و الرحلات الخارجية او عن طريق المساعدات الغير مباشرة.علي سبيل المثال تكون لارض التي تقع عليها مباني النادي  عادة ملوكة للدولة فتؤجرها الاندية بعقود رمزية لفترات زمنية طويلة تجدد تلقائيا.يتم أختيار  مجالس ادارات هذة الأندية عن طريق أنتخابات و جمعية عمومية للاعضاء.وهم عادة لا يهتمون بنتائج الفريق بقدر اهتمامهم بالخدمات الأجتماعية التي يقدمها المجلس المنتخب لهم.

و اذا استبعدنا النادي "الأهلي" لشعبيتة الجارفة داخل و خارج مصر التي توفر لة فرص دعم عديدة الي جانب ارتباطة  بعقود دعاية متميزة مع وكالة "الأهرام" الاعلانية التي يحتل بعض اعضاء مجلس ادارة النادي مناصب تنفيذية مهمة بها,تضطر اغلب الأندية الجماهيرية الي البحث عن "راعي" للفريق.و في ظل عدم وجود  قوانين و غياب ارادة سياسية لخصخصة الكرة, تبدو مجالس الأدارة  دوما مشلولة  علي مستوي التسويق فتلجأ الي احد الأثرياء من محبي الفريق  ليدعم النادي او حتي ليقود مجلس أدارتة .و تحت هذة الخانة يصنف السادة الكرام ممدوح عباس,الراحل التاريخي السيد متولي,فرج عامر  و غيرهم. و لا يحتاج الأمر الي الكثير من الشروح لندرك مزايا و عيوب هذا  النموذج الأقتصادي. بما ان كل تعاقد او صفقة لا بد ان تمر عبر جيب الرئيس-الراعي و تحوذ علي رضاة لذا فأن مهمة اقناع السيد الرئيس-الراعي بالصفقة  تضاف الي مهام  المدير الفني.مما يفتح الباب لتدخل "صاحب المال" في امور لا يزيد تفقهة فيها عن فهم  اي مشجع من مدمني حضور المباريات في مدرجات الدرجة الثالثة.و عادة تعاني الأندية التي تبنت ذلك النموذج من الدوران في فلك عدم الأستقرار الفني و تحظي  بمعدل عالي في كل من  استقالات و اقالات المديريين الفنيين و انضمام  و رحيل اللاعبين.

 اما النموذج الثاني,و هو الاكثر اثارة للأهتمام فهو نموذج نادي المؤسسة  الحكومية الذي  لا يتمتع بأي شعبية جماهيرية  و يستقطع جزئا من ميزانية الدولة. و من المثير للتأمل ان مؤسات  البترول و الجيش و الشرطة  تمتلك  وحدهما 40% من اندية الدوري الممتاز(ثمانية اندية) و جميعها مؤسسات تمتلك من الحصانة ما يمنع وزارة المالية او غيرها من المؤسسات من علي مراقبة و مراجعة مصروفاتها.وقد يكون مفهوما ان تنفق بعض الشركات الخاصة او الحكومية علي قطاع كرة القدم من باب الدعاية لمنتجاتها لكن بالتأكيد لا ينطبق هذا علي وزارات الداخلية و الدفاع و البترول و الأنتاج الحربي.

 و نظرا لما  تمتلكة هذة المؤسسات من حصانة,ففلن يكون في وسعنا سوي تخمين ارقام  تقريبية و أعطاء تحليلات اولية عن حجم مكاسب و مصروفات  تلك الأندية للحكم علي نجاحها كمشروعات ربحية.و احقاقا للحق, فأن  تلك المؤسسات تمتلك  ملاعبها الخاصة (مثل ملعب طلائع الجيش و نادي و منتجع  بتروسبورت) و تؤجرها في كثير من الاحيان  لأندية و مؤسسات اخري,مما يعني انها تمتلك مصادر للدخل تستطيع بها الانفاق علي نفسها(يتحدث  مسئولي وزارة البترول دوما عن "منظومة البترول الرياضية").لكن علي مستوي المدفوعات فان  عليها ان تغطي رواتب جيش من المدربين و الاداريين و لاعبي فرق الناشئين  و عمال غرف الملابس و  اخصائيي الاعتناء بعشب الملاعب.اضف الي ذلك  دخولها في منافسة قاطعة للرقاب للحصول علي خدمات لاعبين متميزين للمنافسة او الأستمرار في مسابقة الدوري الممتاز تكلفها ارقام تصل الي عشرات الملايين سنويا(نحن هنا نتكلم عن مزاد يدفع فية النادي ارقام تصل احيانا الي عشرة ملايين للاعب الواحد).وبالأضافة للعامل البشري, تحتاج المصاريف النثرية الاخري كميزانية الأزياء و الأطقم الرياضية  و الأحذية و انتقالات الفرق للمباريات الخارجية الي نهر اخر من الاموال.اضف الي كل ذلك ان بعض تلك الاندية(ك"بتروجيت" و "انبي") تغري اللاعبين الواعدين بالأنضمام اليها بتعيينهم كموظفين في تلك الشركات حتي يضمنوا مستقبلهم بعد الأعتزال!

و بجانب الخسارة الأقتصادية الكبيرة للأندية,فان مسابقة الدوري الممتاز ذاتها سلعة بائرة.و لعلنا نذكر رفض قناة "الدوري و الكأس"  القطرية شراء حقوق الدوري العام منذ شهور قليلة  لأنها لن تستطيع ايجاد معلنين لأكثر من نصف مباريات البطولة و هي المباريات التي سيكون طرفاها من اندية المؤسسات سابقة الذكر. و ربما ندرك الأن ان كرة القدم في مصر ليست سلعة مربحة  لصانعيها لكنها في الوقت ذاتة مصدر تربح للكثير من الأطراف الأخري.ظهرت في السنوات الأخيرة حوالي عشرة قنوات رياضية مصرية  خاصة لا تمتلك اغلبها حقوق بث لأي بطولات  اخري سوي مباريات بطولتي الدوري و الكأس المصريان و تمتلأ استديوهاتها بالعشرات من "خبراء" و "محللي" الكرة  متوسطي او معدومي الموهبة و القبول ممن لم يستطيعوا الحصول علي فرص للظهور في القنوات العربية التي تفضل الحصول علي خدمات اعلاميين علي مستوي من المهنية و القدرات اللغوية.يتقاضي هؤلاء ال"خبراء" مبالغ طائلة و يجلوس لساعات طويلة للحديث قبل و بعد المباريات لفتح المجال امام اذاعة اكبر عددمن الأعلانات.تتقاطع مصالح هذة الشبكة مع مسئولي أتحاد الكرة المصري.و هم ايضا لا يختلفون عن اصدقائهم "المحللين" كثيرا. فأتحاد الكرة المصري يعاني من فساد مالي و  فشل أداري المزمن (مثال:حاز الملف المصري لأستضافة كأس العالم 2010 علي 0 صوت بعد ان عين لاعب سابق لا يتكلم كلمة واحدة اجنبية  مديرا لحملة تسويق الملف) و  لكثير من مسئولية  علاقات وثيقة  برموز النظام السابق ثم بالمجلس العسكري لاحقا(تم تعديل موعد بعض اهم لقائات الموسم الكروي المصري قبيل ساعات من انطلاقها بأوامر مباشرة من المجلس العسكري).

 و بين هذة الشبكة المعقدة من المصالح و رومانسية قطاع عريض من  جمهور الكرة و اعتراض القيادات السياسية خوفا من الغضب الجماهيري  تتعالي الأصوات المعارضة لأي حديث عن "تحديث" الكرة المصرية و طرح الاندية ذات الجماهرية  للاكتتاب و التخلص من ميراث اندية المؤسسات الحكومية الثقيل او حتي عن رعاية  الكيانات الأقتصادية الكبري للأندية علي طريقة التجربة اليابانية في الثمانينات.و في النهاية تتكتل الأغلبية ضد الكرة الحديثة كما تتكتل  ضد اي محاولة مماثلة للتحديث  او التغيير السياسي او الأقتصادي  رعبا  من المجهول او خوفا من اشباح في عقولهم يسمونها  "امراض المجتمع الغربي".

Tuesday, May 15, 2012

موردخاي فانونو,البطل اليهودي


"موردخاي علي الأسفلت"* لابد ان هتافا مشابها قد قيل مثل هذا الأوان من العام 2004.في يوم ربيعي هادي,خرج "موردخاي فانونو" التقني الأسرائيلي الذي افشي  معلومات و صور سرية لنشاط بلادة في مجال انتاج اسلحة الدمار الشامل( الأسلحة النووية) من محبسة الذي دام ثمانية عشر عاما بسجن شيكما ٍ.

في لحظة اطلاق سراحة,رفض موردخاي الرد علي اي اسئلة توجة الية باللغة العبرية و اتهم اجهزة المخابرات الأسرائيلية بمحاولة اذلالة و معاملتة بقسوة شديدة خلال فترة سجنة التي قضي احد عشر عاما منها في زنزانة نفرادية

ولد فانونو بمراكش  في العام 1954. هاجر ابوة الراباي السفرديم مع  باقي العائلة  الي اسرائيل  عندما كان طفلا ابن تسعة سنوات.و في العام 1971 انضم الي جيش "الدفاع" الأسرائيلي و خاض حرب  العام 1973 حيث استقرت وحدتة  بهضبة الجولان الي ان تم تسريحة في العام التالي. و هو نفس العام الذي بدأ فية  درس الفيزياء بجامعة تل ابيب التي غادرها بعد عام واحد بسبب رسوبة المتكرر.

بعد ذلك بعامين ,حصل موردخاي علي وظيفة بمركز النقب  للأبحاث النووية Negev Nuclear Research Center,و هو مركز متخصص في تصنيع و نطوير الأسلحة النووية بالقرب من "ديمونة.لم يكن الحصول علي تلك  الوظيفة امرا سهلا,فقد أحتاج الامر لأكثر من ثمانية عشر شهرا من الأختبارات القاسية و التحقيقات المتمهلة حتي تم قبولة. حتي هذا الوقت و رغم كل التوقعات و التخمينات ,فشلت مختلف  أجهزة المخابرات في العالم التوصل الي اي حقائق دامغة تؤكد امتلاك او نية اسرائيل لتطوير اسحلة نووية و خاصة مع اتباع الدولة العبرية  لسياسة غموض متعمدة بخصوص نشاطها النووي

 .كانت نقطة التحول في حياة الشاب حينئذ, موردخاي, هو شروعة  في دراستة الجغرافيا و الفلسفة بجامعة بن جوريون في وقت فراغة في نفس العام الذي وقع فية بيجين و السادات اتفاقية كامب ديفيد.في الجامعة بدأ  فانونو في الأنتقاد الصريح للكثير من سياسات بلادة. و هو امر لم يكن عاديا ولا مقبولا وقتها في السياق التاريخي للأحداث و  خاصة في ظل الظروف الأقليمية المتوترة و الشوفونية التي كانت تملأ المجتمع الأسرائيلي في سنوات كانت لا تزال تعتبر سنوات تكوين.

عارضت مجموعة ال"بوصلة" و التي انشئها مع  9 طلاب اخرين(4 من اليهود و خمس من العرب) حرب لبنان عام 1982.كما كان ايضا ناشطا بحركات احتجاجية اخري دعت بالمساواة الحقوقية  بين العرب و اليهود داخل اسرائيل. و عندما حصل علي شهادة تخرجة في العام 1985 كان ملفة الأمني بمركز البحوث يقول انة "يساري الهوي و يتبني  وجهة نظر مساندة لحقوق العرب".

في نفس العام,فقد موردخاي وظيفتة ضمن عملية  ترشيد نفقات قامت بها الحكومة شملت ايضا اعادة هيكلة للقطاع العام لكن اتحاد العمال استطاع اعادتة الي وظيفتة مجددا.بعد ذلك بفترة قصيرة,تم فصلة من العمل مرة اخري  لأشتراكة في تظاهرات تطالب بأنشاء دولة مستقلة للفلسطنيين.لكنة قبل ذلك بقليل  كان قد استطاع ادخال كاميرتة  الي المنشأة و حصل علي   57   صورة من داخل اماكن و قاعات تصنف تحت قائمة "السري للغاية".

شد الجغرافي و الفني السابق بالبرنامج النووي الأسرائيلي  الرحال في رحلة استجمام  طويلة عبر الشرق الأقصي الي ان استقر بة الحال في استراليا ليعمل سائقا للتاكسي و يتحول الي المسيحية.في تلك الأثناء قابل صحفيا كولومبيا يدعي "اوسكار جيريرو" اقنعة ببيع قصتة و الصور التي التقطها  الي  ايا من الجرائد العالمية.و في غضون ايام من اتصالهما بجريدة "صنداي تايمز " البريطانية ,تقابلا مع  الصحفي "بيتر هونام" في سيدني ليطيروا جميعا الي لندن في سبتمبر 1986 حيث فتح فانونو خزانة اسرارة التي احتوت علي صور لمفاعل ديمونة.تأكدت الجريدة من صحة القصة بعدما اخضعتة الي الكثير من  التحقيقات و الأستجوابات مع العديد من خبراء الطاقة النووية الغربيين الذي قدرا امتلاك اسرائيل الي حوالي 150 رأسا نوويا وفقا للمعلومات المستقاة.

قرر فانونو,غضبا من تأخر  الصحيفة في الوفاء بألتزاماتها نحوة ان يتوجة الي جريدة  منافسة  ("صنداي ميرور") و هو ما ادي لأفتضاح امرة عند ال"موساد" الذي فصلت  استطيادة بدون ان يؤثر ذلك علي العلاقة المتميزة التي تجمعة مع المخابرات الأنجليزية  و بدون احراج للسيدة الحديدية "مارجرت تاتشر". لذا كان القرار بنصب فخ  لة خارج حدود المملكة المتحدة.و بالفعل تم نصب فخ كلاسيكي لفانونو الذي اكدت التقارير علي تعمق شعورة بالوحدة و أفتقادة للتواجد الأنثوي في حياتة.و بالفعل استطاعت عميلة للموساد ان تتقرب منة تحت اسم مستعار و تقنعة بمغادرة بريطانيا  الي روما لقضاء اجازة,و هناك تم تخديرة و نقلة ,في عملية معقدة و دقيقة, الي السفينة "نوجا" لتي تتبع البحرية الأسرائلية و التي كانت رست بالفعل علي السواحل الأيطالية قبل الحادثة بأيام.في نفس اسبوع رسو السفينة في يافا ,نشرت "صنداي تايمز" التقريرالمبني علي المعلومات التي جمعتها مسبقا من فانونو.

خضع موردخاي الي محاكمة سرية و سريعة بتل ابيب لم يكن مسموحا لة خلالها التواصل مع محاميية.لكنة استطاع اعلام  الصحافة بتفاصيل "اختطافة" كما اسماة بكتابة التفاصيل علي راحة يدة و فردها امام نافذة سيارة الترحيلات.في فبراير 1988 حكم علي فانونو بالسجن لمدة ثمانية عشر عاما بدئا من يوم "توقيفة".رفضت المحكمة طلبا بعرض نص التحقيقات.و كان علي  صحيفة "يدعوت احرنوت" ان تنتظر احد عشر عاما للحصول علي جزء من النصوص و.ووفقا لرويترز,فأن رئيس الموساد السابق "شاباتي شافيت" قد صرح بأنة كان هناك اقتراحا بتنفيذ عقوبة الأعدام بحق فانونو(و هي العقوبة نادرة التنفيذ في اسرائيل) لكن الطلب قوبل بالرفض لصعوبة ان يقتل يهوديا يهوديا اخر.

قضي السجين اكثر من ثلثي فترة حبسة في زنزانة انفرادية خوفا من ان يسرب اسرارا اخري عن البرنامج النووي الأسرائيلي.خلال تلك السنوات,حاول فانونو الأعتراض رمزيا علي المعاملة التي وصفها لاحقا بال"القاسية و الوحشية" برفضة للعلاج او التحدث الي الحراس و الأكتفاء بقراءة الجرائد التي لا تكتب بالعبرية و اخيرا بتقديم طلب بأسقاط الجنسية الأسرائلية عنة.في تلك الأثناء وصفة محامية , الناشط الحقوقي , "افيجدور فليدمان" بأنة السجين الأكثر عنادا و ثباتا علي مبدأة الذي قابلة في حياتة المهنية.

استمر  فانونو في معارضتة لسياسة اسرائيل النووية بعد اطلاق سراحة  و حاول الخروج من اسرائيل و طلب اللجوء السياسي لكن من ناحية قوبل طلبة بالرفض من حكومات  النرويج و السويد و ايرلندا.

و رغم خروجة من محبسة منذ سنوات طوال ,لم يحص فانونو بعد علي كامل حريتة.اذ يعاني من الكثير من القيود التي خرقها مرارا و اعادتة الي السجن لفترات قصيرة.ابرز هذة القيود اللاانسانية  منعة من الأتصال بأي اشخاص يحملون جنسيات اجنبية و عدم استخدام الهواتف و أنترنت و عدم زيارة اي مرفأ او مطار و عدم الأقتراب من اي منظمة دولية بمسافة تقل عن 500 متر و عدم الخروج من دولة اسرائيل.ووفقا لمنظمة العفو الدولية,فأن اسرائيل مارست ضغوطا علي شركة مايكروسوفت لمراقبة بريدة الالكتروني و معرفة ان كان يخطط للهرب.كانت اخر مرة يتعرض فيها فانونو للعقاب بسبب خرقة لتلك القيود قبيل الربيع العربي.حيث قضي ثلاثة اشهر من الخدمة الالزامية اختار ان يقضيها في المنطقة تسكنها الاغبية العربية  من القدس خوفا من انتقام السكان اليهود منة.

يعيش موردخاي حاليا بكنيسة سان جورج بالقدس,حيث ييتطوع بتدريس البيانو.خضغت غرفتة الصغيرة للتفتيش و مصادرة محتوياتها عدة مرات من قبل البوليس.

و الجدير بالذاكر,انة برغم كل تلك العقوبات القاسية,لا زال الخبراء مختلفين حول اهمية المعلومات التي قدمها فانونو.و ذهب بعضهم الي القول بأن اسرائيل قد عاقبتة بقسوة  حتي لا يتجرأ اي شخص اخر و يقوم بتصرف مماثل وهو ما يتعارض مع الرواية الرسمية الاسرائيلية التي تقول انها تخشي ان يفصح المزيد من الاسرار النووية للدولة




فلان علي الأسفلت": مصطلح متداول في أوساط المساجين في جمهورية مصر العربية يقال عندما يخرج احدهم خارج الأسواء عندما تنتهي مدتة او عن طريق عفو قضائي.انتقل الي اوساط الناشطين المصريين بعد الثورة للتعبير عن خروج احدهم من محبسة العسكري.

Thursday, May 3, 2012

من الحكم في قضية المسرة حتي توقيف الجيزاوي,ساعدونا يا رفاقة


كتبت هذة التدوينة ضمن فعاليات يوم التدوين للتضامن مع النشطاء المحكوم عليهم فيما عرف بقضية التضامن مع الأقباط


في الأجواء الكابوسية للأيام الأولي من العام 2011, و بعد ايام من تفجيرات كنيسة القديسين,انضم  العديد من النشطاء الي تظاهرة كبيرة امام احدي الكنائس  في حي شبرا الذي تسكنة اغلبية من الأقباط  للتنديد بالحادثة. كعادة نظام مبارك ,اصطف بضعة الاف من جنود الامن المركزي لتطويق التظاهرة  و منعها من التحرك.بعد عدة ساعات من المناوشات قرر لوائات حبيب العادلي استخدام العنف الجسدي ضد المتظاهرين.كانت نتيجة ذلك الأشتباك هي القبض علي ثمانية من النشطاء و اقتيادهم الي قسم الشرطة  بنائا علي خانة الديانة في بطاقة هويتهم  من بينهم صديقي المهندس و الصحفي و الناشط اليساري "مصطفي محيي".بعد ليلة قاسية  من المعاملة اللا ادمية في مقر احتجازهم,تم توجية العديد من التهم الكارتونية اليهم.كان منها حرق و تدمير  اكثر من عشر شاحنات و اتلاف الممتلكات العامة(اعمدة الأنارة و الأرصفة) و اصابة اكثر من 20 مجندا و 4 ظباط.

رغم تناقض الأدلة و ضعف حجتها,افرجت المحكمة عن مصطفي و بقية زملائة  بضمان محل اقامتهم بدلا من اعطائهم البراءة.و منذ ذلك الحين ,و رغم قيام الثورة ,ما تزال القضية محل نظر .
بالتأكيد لم يكن تلفيق الأتهامات حدثا فرديا في عهد مبارك و رجالة.لذا تقبل الجميع ما حدث علي سبيل ان قواعد اللعبة معروفة و ان من نزلوا للتظاهر يومها كانوا يعلمون عواقب فعلتهم.لكن المفاجأة حدث منذ حوالي شهر و نصف,عندما قررت المحكمة التي يترأسها ظابط شرطة سابق  حبس كل من المتهمين  الثمانية لمدة سنتين.تظلم محاميي المتهمين و حددت المحكمة يوم الثالث عشر من مايو المقبل موعدا   للنظر في الأستئناف.

بعد اسابيع من الحكم علي مصطفي و بقية النشطاء,تم توقيف الشاب المصري احمد الجيزاوي في مطار الملك بالرياض اثناء توجهة لاداء فريضة العمرة.وفقا للسلطات السعودية,كان احمد ينتوي تهريب عشرون الفا من الأقراص المخدرة الي المملكة.كان من الممكن تصديق الرواية الرسمية لولا خبراتنا السابقة مع الحكومة السعودية و مع  تواتر الأخبار حول نشاط أحمد ,الي يعمل محاميا , في قضايا المصريين المحتجزين بالسعودية ,بل و تناثر بعض الأخبار عن رفعة لقضية ضد العاهل السعودي شخصيا. بعد الحكم  علي احمد بالسجن لسنة و التعذيب بالجلد 20 جلدة,انطلقت مظاهرات عدة نحو مقر السفارة السعودية قام خلالها البعض بالتعبير عن غضبهم,المتراكم اصلا  منذ سنوات سابقة ,بالقاء الحجارة علي مبني السفارة و تنكيس علمها.و علي الفور,ردت الحكومة  السعودية بالعديد  من ردود الأفعال الغاضبة  و المبالغ فيها.فأوقفت العمل بالسفارة و استدعت  السفير الي بلادة و وأوقفت اعطاء تصريحات العمل للمصريين.

و ما يهمنا في هذة الحادثة هو التركيز علي طبيعة العلاقة  استراتيجية و تعقد المصالح المالية  بين الطبقتان  الحاكمتين في مصر و السعودية و التي  اجبرت المسئوليين المصريين علي تقديم العديد من التنازلات و الأعتذار مرارا وتكرارا.بدئا من رئيس الحكومة الذي اكد سابقا في مناسبات عديدة  ان مصر لم و لن تركع للأملائات الأجنبية,الي السفير المصري بالرياض الذي اكد علي عمق العلاقات بين البلدين و عدم تأثرها حتي لو تم حبس 1000 مصري علي شاكلة الجيزاوي مهرب المخدرات و مرورا بمحادثات و مناشدات المشير طنطاوي للخارجية  السعودية بتجاوز الأزمة و اخيرا زيارة رئيس مجلس الشعب للرياض للقاء الملك عبد الله .

كان مفهوما  في عصر مبارك ان يحاكم ناشط سياسي و تلفق لة التهم ,لكن ان يحاكم نفس الشخص  بنفس التهم الموجهة الية في قضية سياسية حدثت في عهد مبارك  هو حدث فارق مثلة مثل مشهد تفضيل المصالح المالية للمسئولين الحكومين علي حرية و حقوق المواطنين المصريين في الخارج. مشهدان رمزيان يؤكدا علي ان سقوط النظام وهم عشناة جميعا خلال سنة و نصف.

ما بين حادثتي  المسرة  و الجيزاوي عذب و قتل و شرد و و اضطهد و اصيب  عشرات الالاف  من المصريين علي يد نظام مبارك و لاحقا علي يد من حكم البلاد بعدة.اضحي جليا ان شيئا لم يتغير. و رغم تولد  وهم اسمة سقوط  النظام لدي الجميع في لحظة التنحي .لكن في الحقيقة فان شبكة شيطانية و  معقدة  من الفساد  ما تزال تواجة بشراسة اي محاولة حقيقة لتفكيك مؤسسات الحكم المصرية.قبل الثورة كان نفر قليل من الشرفاء يجاهدون ضد تلك  الالة جهنمية متعددة الأذرع,شرطة و جيش و قضاء و اعلام و  حزب.و اليوم  ما تزال اذرع  تلك الألة تعمل رغم قطع رأسها و لم يتغير شيء سوي ان عدد المقاومين لها  قد تضاعف.و بينما اكتب هذة التدوينة يرن في اذني مقطع "ساعدوني يا رفاقة" من الأغنية الشعبية الشهيرة. عزيزي المواطن الشريف ,ان لم تكن راغبا او قادرا في مقاومة الظلم,لا بأس,لا تحمل حجرا و تهاجم الشيطان,فقط عليك الا تعاونة علي اطفاء النور الخافت الباقي لنا.